انا اكره مدينتي

انا اكره مدينتي....

هل هذا يعد شيئا غريبا الم يسبق لكم ان رأيتم شخصا يكره مدينته ويتمني ان يأتي اليوم الذي يستطيع ان يغادر مدينته غير اسف ولا نادم ويعيش في اي مكان اخر يبتعد قدر الامكان عن هذه المدينه.

يفارق ذكريات طفولته وصباه وشبابه .. يحلم باليوم الذي يخرج فيه من هذا الجحيم الي المجهول الذي بدون شك سوف يكون افضل من المعلوم ….

فمدينتي التي شهدت مراحل حياتي من طفوله وصبا وشباب وحتي اليوم تلك المدينه التي هي مسقط رأسي وبها اسرتي واصدقاء مراحل عمري وجيراني ومعارفي … المدينه التي لي فيها كيان وكينونه ...احلم باليوم الذي اتركها فيه...

وبالرغم من اني في الماضي كنت اتركها كثيرا واسافر فقد طفت بالعديد من دول العالم والحقيقه انني كنت احن واشتاق اليها واعود مهرولا مشبعا بالحنين اليها ولكن اليوم ماتت بداخلي كل تلك المشاعر الجميله بل وانعكست الي مشاعر سلبيه بالكره تجاه مدينتي.....

هذه المدينه التي كانت في الماضي تتميز بالخصوصيه والهدوء فكان سكانها عباره عن مجموعه من الاسر التي تتعارف فيما بينها وتتواد وتتزاور وتتناسب وكان الغريب يسهل التعرف عليه حال نزوله المدينه وكان هناك يوم واحد في الاسبوع يقام به السوق الاسبوعي والذي تزدحم فيه المدينه بالقرويين الذين يأتون منذ الصباح الباكر من جميع القري المحيطه بالمدينه الي السوق اما بائعين او مشترين والذين قبل حلول الظلام يعودون ادراجهم فلا تجد لهم اثرا الا في نفس اليوم من الاسبوع التالي ويعم الهدوء المدينه طيله الاسبوع....

وكانت السيارات محدوده العدد والكل تعرفهم ويعرفونك وتشعر بنوع من الالفه والايلاف فلا يقابلك احد الا وانت تعرفه….

وسكني يقع في منطقه هادئه تطل علي الطريق الرئيسي ومجري المياه "كورنيش المدينه "وكنت احب النظر من شرفتي لاري بانوراما جميله وسط هدوء جميل … اما عملي فكان في وسط المدينه في وسط مركزها التجاري في الشارع العتيق الممتلئ بالمحال والذي كان السير فيه يعد نوع من الترفيه لاهل المدينه حيث لايوجد بمدينتي اي اماكن ترفيه سوي المقاهي البلديه وكانت بالمدينه دارين للسينما تهدمت احدها واغلقت الاخري.....

وفي فتره الشباب كان الترفيه المحبب لدينا هو ان نتجمع كاصدقاء ونتريض في اطراف المدينه المتاخمه للحقول حيث الهواء النقي او نتجمع ليلا في منزل احدنا الريفي علي حفله للشواء والاستماع الي شرائط الطرب الاصيل الذي انقرض الان وكنا نحيا حياه بسيطه ونحن سعداء بها لم يكن لدينا تطلعات .. بساطه الحياه كانت تجذبنا.....

اما اليوم فلم يتبقي سوي الاطلال اطلال كل شيئ شاخصه في مذله وانكسار....

فالمدينه لم يفكر اي مسؤول تولي المسئوليه فيها في يوم من الايام في تطويرها او تجميلها او وضع تخطيط او تصور مستقبلي لها فلم تتغير الا الي الاسوأ لتصبح بكل جداره قمه في العشوائيه المقيته في كل شيئ حتي البشر اصيبوا بالعشوائيه في مسلكهم

حتي اعضاء مجلس الشعب يقدمون الخدمات الجليله للقري المحيطه بالمدينه حيث تجمعات الاصوات الانتخابيه اما المدينه فلأن اهلها ليسوا من هواه الذهاب الي صناديق الانتخاب فلا يعيرهم اعضاء مجلس الشعب التفاتا ولا يلتفتوا الي المدينه..

واليوم يكتسي كل شيئ بالقبح والدمامه كل شيئ تغير …..

الهدوء المحبب لي اختفي تماما ففي السكن تم عمل مطب صناعي امام البنايه وطيله الليل حيث السكون الملهم للشعراء …. يشق هذا السكون صوت مزعج لفرامل الشاحنات العملاقه يتخلله تحيات حاره متبادله بواسطه السراين الهوائيه المحرمه دوليا …..

ثم بين كل فرمله واخري يأتي طف طف مسطول يرفع قعيرته علي اعلي صوت لتنتهي بذلك اي محاوله للنوم بالليل او حتي بالنهار وعلي الهدوء السلام......

اما باقي المدينه فلدينا مشروع للصرف الصحي بدء العمل فيه منذ حوالي عشر سنوات ولم ينتهي حتي الان …

الارصفه المفترض في جميع دول العالم ان تكون مخصصه للمشاه وتكون عريضه بدرجه كافيه للسير المريح للمشاه فحدث ولا حرج اعرض رصيف عرضه متر وكل محل يمتلك الرصيف الموجود امامه ولا يوجد رصيف في شارع بارتفاع واحد بخلاف وضع البضائع للعرض فوقه فيجد المشاه نهر الطريق فقط هو المتاح لهم ويختلط المشاه بالسيارات في تناغم جميل كتناغم الحابل والنابل فكل فرد يسير علي قدميه يعد سياره فلا يهاب السيارات ولا يلتفت اليها ولا يستجيب لاصوات كلاكساتها والسيارات تسير بين المشاه بكل حزر وحيطه حتي لا يحدث ما لا يحمد عقباه...

اما النظافه فلا توجد صناديق لها ولكن تلقي الاكياس بجوار الجدران .. ويأتي اطفال الشوارع ويقوموا بتفريغها بحثا عن قطعه بلاستيك او حديد لتتحول الي كومه ووجبه دسمه للذباب والحشرات وان كانت سياره جمع القمامه تأتي مره واحده يوميا ان لم تكن معطله .. فالبانوراما القماميه طيله اليوم تسر الناظرين وتشرح الصدور....

اما الزحام المطبق نتيجه تزاحم سكان القري المجاوره واعتمادهم التام علي شراء متطلباتهم بصفه يوميه من المدينه بعد ان كان اسبوعيا يوم السوق فقط ادي الي ان السير سواء بسياره او سيرا علي الاقدام اصبح حلم بعيد المنال ….

اصبحت المعيشه داخل مدينتي التي كنت اعشقها دربا من المستحيل...

ولكل هذا ولغيره اصبحت اكره مدينتي

مجدي المصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق