إختبر نفسك

إختبار النفس

اختبار بسيط يستطيع أي انسان تجربته علي نفسه بنفسه ودون الحاجه الي أي مساعده خارجيه ودون أن يشعر به أحد .. ليستطيع وبسهوله إكتشاف إن كان هناك خلل نفسي داخلي لديه من عدمه ..

والإختبار عباره عن ثماني نقاط في صوره أسئله يسألها الشخص أو يلاحظها في سلوكياته أو رده فعله حيال بعض الأمور الحياتيه المُعاشه وهذه النقاط هي :-

1- عندما تبدأ الحديث مع أي شخص مخالف لك في العقيده تجد نفسك في حاله من عدم الإرتياح والضجر وربما تريد أن تنهي الحديث أو لا تكمله ..

2- عندما تقرأ مقال يُفند عقائد الأخرين ويكشف تحريفها أو بُطلانها أو عدم مصداقيتها فإنك تقرؤه بشغف وبتركيز شديد وتحاول إستيعابه جيدا وربما حفظ ما جاء به ..

3- عندما تقرأ مقال يُفند عقيدتك ويكشف تحريفها أو بطلانها أو عدم مصداقيتها فإنك تنفعل علي الفور وتبدأ في الدفاع المستميت وتجد نفسك تسب كاتبها وتتهمه بإتهامات كثيره متعدده ليس بينها شيئ يخص المقال ..

4- عندما تدخل في مناقشه مع أي أحد مخالف لك في العقيده لا تحاول أن تشرح له مصداقيه عقيدتك وإنما تبدأ في شرح عدم مصداقيه عقيدته هو..

5- بعض الأمور التي تجهلها أو تكون غير ملم بها المام كافي ولكنها تخص العقيده وبمجرد الحديث فيها تنبري بجهاله وتمسك بناصيه الكلام ولا تتوقف أو تترك الفرصه لغيرك ليتكلم ..

6- كل ما يخص عقيدتك هو قُدس الأقداس لا يجوز بأي حال من الأحوال مناقشته بينما عقائد الأخرين رجاسات مطروحه علي الطرقات طبيعي أن تتقاذفها الأقدام من منظورك ..

7- تنظر الي الآخر المخالف لك في العقيده نظره إزدراء وإحتقار وصغار بل وترثي لحاله لأنه لا يستطيع أن يكتشف الكنوز الموجوده في عقيدتك ..

8- لا تحاول قراءه أي شيئ يخص عقائد الآخرين وحتي إن حدث وقرأت فلا تقرأ بحياد وموضوعيه حتي لمجرد الفهم كيف يتقبلونها ويعتنقونها هم ...

وبالمناسبه العقيده هنا ليست فقط العقيده الدينيه فكل إنسان لديه مجموعه كبيره من العقائد يرتبط بها وتعيش في وجدانه بخلاف الدين أو المذهب .. فعلي سبيل المثال هناك العقيده الكرويه كأن تشجع فريق كروي حتي الموت وتحتفظ في ذاكرتك بقوانين كرويه تستطيع من خلالها الحكم علي اللعب وتصرفات اللاعبين وممكن أن يكون ما يراه غيرك خطأ تراه أنت صح طبقا للقوانين التي تحتفظ بها في عقلك ..

فأنت مثلا ممكن أن تُصنف مسلم سني أهلاوي أو مسيحي أورثذوكسي زملكاوي أو مسلم شيعي هلالاوي … الي أخره

كذلك العقيده القانونيه فأنت تعرف أن هناك قوانين ومخالفتها تستوجب العقاب والسجن ولكن إن إستطعت مخالفتها ولا يكتشفك أحد أو لا تقع تحت طائله القانون فسوف تخالف القوانين مائه مره كل يوم وأنت هانئ البال سعيد لانك تلتزم بالقانون عن خوف فقط ..

بعد أن تكون قد قرأت النقاط السابقه وأجبت عليها بكل صدق وأمانه بينك وبين نفسك وإذا كانت كل النقاط السابقه إجاباتها إيجابيه عندك أي هي مكون لشخصيتك فأبشر أنت مواطن حاله مرضيه ولا حل أمامك سوي الذهاب فورا الي طبيب نفساني وطلب العلاج لأن هناك الكثير من العقد التي تتحكم في سلوكك وشخصيتك وإن لم تفعل ربما تتفاقم الحاله لديك أكثر وتصبح ذات يوما إرهابيا ...

ولتعلم يا هذا إن ما لا تقبله علي نفسك يجب أيضا أن لا تقبله علي غيرك وهذا عين العدل

الذي لا تعترف أنت به والعدل هو أحد أسماء الله الحسني ...

علموا أولادكم

علموا أولادكم

*الا تعلمون أن أقدم خطيئه عرفها الانسان هي خطيئه القتل .. عندما قتل إبن آدم أخيه .. لتكون دماءه هي أول دماء أريقت غدرا وغيله في تاريخ البشريه ..

*وهذا من الثوابت التي لايختلف عليها إثنان ممن يؤمنون بالله واليوم الآخر .. أو أصحاب الديانات السمائيه ..

*ولكن إسمحو لي أن أقول لكم .. كلكم مخطئين .. فالقتل هو ثاني خطيئه وليست الأولي .. لأن هناك خطيئه إرتكبت قبل القتل .. الا وهي خطيئه الكُره ..

*نعم .. كره إبن آدم اخيه وحقد عليه .. وهذا الكُره هو الذي دفعه ليقتل .. فعندما كره قتل ولم يقتل لأنه يحب ..

*هكذا أقول لكم .. هناك منظور أو تعريف تعلمناه وتوارثناه عن الخطيئه .. وهو عمل أو فعل نفعله بإراده واعيه .. سواء شئنا أو إضطررنا .. ولكن نفعله بإراده واعيه .. وهو مخالف للإراده الالهيه ونواهيها لنا .. وهي ما يمكن أن نسميه خطيئه الجسد ..

*ولكن هناك شيئ آخر مختلف .. أو خطيئه أخري مختلفه غير منظوره .. ولا تحاسب فاعلها القوانين الوضعيه .. وهي ما يمكن أن نسميه الخطيئه المُستتره أو خطيئه النفس .. *وهي أيضا فعل .. نفعله بإراده غير واعيه هذه المره .. ولكننا لا نستشعرها ولا ندرك كنهها لأنها خطيئه النفس والروح .. وهي بذلك خطيئه أشد فتكا من خطيئه الجسد ..

*لأن خطيئه الجسد يمكن التراجع والتوبه منها .. ولكن خطيئه النفس لاتراجع ولا توبه عنها لأننا ببساطه .. نشعر حيالها بأننا لا نرتكب خطيئه منظوره .. أي فعل ظاهر ..

*ونحن نعلم أن الله مطلع علي السرائر والقلوب وما تخفي الأنفس والصدور وبالرغم من ذلك نقف في حضره الله ونركع ويسجد ونصلي ونطلب من الله أن يتقبل منا !!

*هذه الفطره التي فطرنا أنفسنا عليها .. وهي ليست من الفطره الربانيه الطاهره النقيه في شيئ ..

*ومن خطايا النفس الغير محسوسه أو منظوره ..

*الكُره .. والحقد .. والغيره .. والحسد .. وشهوه الانتقام .. والتكبر .. والغرور .. والانانيه وغيرها الكثير والتي لا يتسع المقام هنا لذكرها كلها ..

*وهذه النوعيه الخفيه من الخطايا .. إن لم تدفعنا لارتكاب خطايا منظوره .. فهي علي الأقل تدمر دواخلنا .. وتفتقدنا السلام الداخلي والهدوء النفسي .. لأن نفوسنا تكون محمله بكم كبير منها .. مما يجعل تلك النفوس حائره قلقه متوتره .. لاتري للراحه والسكينه طعم أو معني .. ويعيش الانسان حياته معذبا علي الأرض .. ليس بأسباب خارجيه ولكن لأسباب نابعه من الذات من الداخل ..

*وهنا لا نكتفي بأن تسقم نفوسنا بما تنوء به من كل ما سبق .. بل نعلمها ونلقنها لأولادنا لنبتتنا الغضه .. ليتحولوا بمرور الوقت الي صوره كربونيه لنا .. الي مسخ نفسي مشوه بالكُره والحقد والغيره .. الي آخره

*لذلك أقول .. لكم ربوا أولادكم .. وإزرعوا فيهم قيم الحب والخير والسلام ..

*علموهم حب الجمال .. لا تقتطف ورده أمام إبنك لأنك إن أحببت منظرها ورائحتها فغيرك أيضا يحب منظرها ورائحتها .. وأنت بفعلتك هذه تحرمه من هذا الحق وتُقبح المكان .. فان ظلت الورده علي غصنها سيراها الجميع ويشم رائحتها ولست أنت وحدك .. وهنا سيتعلم إبنك منك حب الجمال ..

*لا تزرع الكُره داخل إبنك تجاه الآخرين أو المجتمع .. حتي لا يدمر نفسه ويدمر مجتمعه ..

*علمه أن يكون شجاعا في مطالبته بحقه .. والذي يحق له .. بالعدل .. ولا تنمي في داخله شهوه الانتقام .. لأن المنتقم جبان .. يكمن لمن يراه أنه غريمه ولا يواجهه ..

*ربي فيه حب العدل .. ولو علي أبيه .. ولا تعلمه المحاباه للباطل ..

*لا تجعل إبنك يشتهي ما لا يملك .. حتي لا تحسد عينه الآخرين ..

*لا تظهر أمام إبنك بمظهر المتكبر في خيلاء فارغه .. حتي لايصبح مغرورا ويمشي في الأرض مرحا ..

*لأنك أنت .. وأنت فقط المسؤول عن هذه النبته الغضه التي هي أبنك أمام الله ..

*لأنك أنت من ترويها قيم ومبادئ .. أو ترويها السم الزعاف

* اللهم قد بلغت .. اللهم فإشهد ..

مجدي المصري

امرأه بلا جسد

إمرأه بلا جسد تسللت نهال الي غرفه النوم بدون أن تُحدث صوتا .. ورقدت فوق السرير .. وتدثرت بالغطاء وأغمضت عينيها .. وماهي الا لحظات حتي دخل تامر خلفها وأغلق الباب محدثا دويا عاليا.. أضاء النور وتمدد بجوارها فوق السرير.. فتظاهرت بالنوم .. ولكنه هزها قائلا نِمتي في دقيقه واحده وإستدار ناحيتها وبادءها بالحديث قائلا :- تامر : لماذا تتصنعي النوم هل أصبحتي تكرهينني ؟ .. هل تكرهي معاشرتي ؟ نهال : كلا فقط أنا متعبه قليلا وأريد أن أنام .. تامر : وما الذي أتعبك اليوم .. لم تبذلي مجهودا غير عادي .. كان تامر يتكلم ويده بدأت تعبث في شعرها .. فأيقنت نهال بأن لا مفر .. نهال : لماذا لا تُطفئ النور .. تامر : منذ أن تزوجنا وأنتي تُصري علي أن لا أري جسدك .. نهال : أرجوك .. إطفئ النور .. مد تامر يده وأطفأ النور وإستدار اليها ثانيه وبدون أن يتبادلا أي حديث تحركت يداه بين ثنايا جسدها .. تتحسس كل ثنيه من ثناياه .. ومال بجسده فوق جسدها .. وبدء في تقبيلها .. أما هي .. فقد شردت كالمعتاد في هذه المواقف بالذاكره الي ماضيها .. الي الطفوله .. كم كانت طفولتها جميله بريئه طاهره .. كم كانت تلعب وتلهو مع أقرانها أطفال الجيران أولاد وبنات .. كم كانوا يحبون بعضهم البعض ويقضون الساعات الطوال في اللهو البرئ حتي جاء اليوم المشهود الذي قلب حياتها رأسا علي عقب .. عندما نظرت فاذا ببقعه دماء علي بنطالها مما روعها فأسرعت الي أمها التي حملتها الي الحمام ونزعت عنها ملابسها وحممتها وأعلمتها بأن هذه اللحظه هي الفارقه بين الطفوله والصبا .. لقد أصبحت نهال أنثي وإنتهي عهدها بالطفوله .. تبدلت حياتها وتغيرت تماما .. فقدت حريه الطفله .. وحملت قيد الأنثي من مسلك وملبس وتحرك وخروج ودخول .. كل شيئ تغير من أجل أنوثتها التي أصبحت تكرهها ولا تريدها .. تحن وتشتاق لطفولتها وتريد إستعادتها مره أخري .. ولكن هيهات .. سريعا سريعا .. جسدها يتحور وتظهر ملامح الأنوثه أكثر وأكثر ولم تعد تستطيع إخفاءها .. هذه الملامح التي تحبها كل البنات في مثل عمرها ويقضين أوقاتا طويله أمام المرآه يتابعن تطورات إستداره الجسد وبروز النهدين .. أما هي فكانت تحزن كُلما كبر ثدياها لأن البون يتسع بينها وبين طفولتها .. حتي المعاكسات وكلمات التغزل في جمال جسدها والتي تحبها البنات كانت هي تكرهها وكأن الطبيعه كانت تعاندها فوهبتها قدا ممشوقا يُلفت الأنظار وبشره جميله صافيه لا تخطئها الأعين .. كُلما كرهت أنوثتها كلما إزدادت جمالا .. أما ما سمعته من زميلاتها عن الحياه الجنسيه بين الرجل والمرأه فكان يصيبها بالغثيان والقيئ .. لأن جسد المرأه للرجل يستمتع به ما شاء وكيف شاء .. يُشبع غريزته ونهمه من هذا الجسد الذي لابد له أن يُنتهك من رجل .. ومرت الأيام .. وإنتهت من دراستها الجامعيه دون أن يكون بينها وبين أي شاب أي علاقه تتعدي حدود الزماله .. وجاءها إبن الحلال "تامر" الذي تقدم لأسرتها طالبا يدها بعد أن تحري جيدا عنها وعرف أخلاقها .. وعندما رفضت وأخبرت أمها بأنها لاتريد أن تتزوج علي الاطلاق .. أخبرتها أمها بأن الزواج شر لابد منه وبقاءها بدون زواج يُعرضها للقيل والقال خاصه وأنها جميله متعلمه .. وفي فتره الخطوبه إكتشفت أن تامر كريم حنون فأحبته .. أما ليله عُرسها وبعد إنصراف المدعوين وجدت نفسها وحدها مع تامر الذي إبتسم لها وطلب منها أن تُبدل ملابسها ودخلت غرفه النوم .. وبمجرد أن نزعت فستانها ونظرت الي المرآه حتي فوجئت بتامر خلفها .. نظرت الي عينيه فوجدتهما تخترقان أستار جسدها تتطلعان بكل شهوه الي كل ثنيه من ثنايا جسدها العاري .. وكأنه كان ينتظر هذه اللحظه ليهتك أستار عفتها .. حاولت أن تمد يدها الي أي شيئ تستر به عفافها .. ولكن تامر كان أسرع منها وإحتضنها بذراعيه .. فأحست أن يديه تعصرانها عصرا .. صوت تحطم ضلوعها يصم أذنيها .. جسدها يتصبب عرقا في عز الشتاء .. أرادت أن تصرخ .. تستغيث .. تبعد يديه عنها تقول له .. لا ..لا .. أنا لست أنثي أنا طفله .. عندما أحببتك .. كان حبي طفوليا بريئا وليس حب أنثي لرجل .. أرجوك .. أتوسل اليك .. دع جسدي ولا تنتهكه .. أترك لي عفتي وعفافي ..لكن تحشرج الصوت في حنجرتها وعندما بدء في تقبيلها خارت قواها وإنهارت ووقعت فاقده للوعي .. وفي الصباح إستيقظت لتجد نفسها مُمدده عاريه بجوار زوجها العاري ويسترهما غِطاء .. أيقنت نِهال أنها فقدت عذريتها .. فقدت عفافها .. إنتهك جسدها .. آلامها النفسيه أشد وطأه من آلامها الجسديه .. هي الأن إمرأه كأي إمرأه.. ضاع كل أمل في أن تستعيد نهال الطفله البريئه .. وأصبح واجبا عليها آداء تلك الطقوس الجنسيه كلما أراد تامر .. سواء شاءت أم أبت .. فكم من مره تمزقت ملابسها .. وكم من مره أصيبت بالجراح وهي تحاول الزود عن جسدها .. وأفاقت نِهال من ذكرياتها علي كف تامر يصفع وجهها بقوه .. والم شديد يعتري وجنتها ونفسها .. وأضاء تامر النور وعينيه تطُقان شرارا ..

وقال لها .. أنتي إمرأه بلا جسد ..

أنتي طالق ...

ابني فين يا بحر

إبني فين يا بحر

"أم محمود" .. حقيقه لا أعرف إسمها الحقيقي .. لأن في مجتمعاتنا يُستحب أن تُنادي المرأه بإسم إبنها البكر .. وكان "محمود" بكريها ووحيد عمرها في نفس الوقت .. ولم تنجب أم محمود غيره فلم تسعدها الدنيا سوي أيام معدودات ..

فعندما كانت شابه صغيره أحبت "أبو محمود" من كل قلبها وجوارحها .. ولكن في صمت ..

فهو الشاب الوسيم المفتول العضلات المكافح المؤدب ..الذي تتمناه كل فتاه صغيره لنفسها .. ظلت تُحبه في صمت .. لم تبوح بحبها له ولا لأي مخلوق آخر .. كان حبا طاهرا عذريا .. حتي جاء اليوم الذي أحست فيه بأن السماء إستجابت لدعائها بأن يكون من نصيبها عندما فوجئت يوما به هو ووالده يطرقون بابها طالبين يدها .. وبسرعه .. تم كل شيئ .. من جهاز العروس وحتي الفرح .. والذي كان فرحا للحي بكامله وليس لها وحدها .. وكأنها كانت تسابق الريح .. لأنها كانت علي موعد مع القدر ..

إنتقلت الي داره وأصبحت زوجته علي سنه الله ورسوله .. أيام كثيره لم تعدها ولكن كانت كلها هناء وفرح .. لم تكن بطيبتها وجهلها تصدق أنها تحيا في عِلم .. بل كانت كثيرا ما توخِذ أصبعها بدبوس لتتأكد أنها لا تحلم … كانت تستيقظ في الصباح الباكر لتُعد الحمّام وتُعد الإفطار والشاي .. وتوقظ حبيب عمرها من نومه .. وبعد الإفطار تودعه بالباب .. بقبله كلها عاطفه تلقائيه جياشه علمتها لها فطرتها التي فطرت عليها .. ثم تبدأ بأعمال المنزل اليوميه وإعداد الطعام لتنتهي من كل شيئ قبل عودته من عمله .. وعندما يعود يجدها في أبهي زينتها.. وكل الطعام معد.. والبيت نظيف .. وكأنها التشريفه التي يُستقبل بها الملوك .. كانت تأخذه في حضنها في لهفه وشوق .. كما لو كانت قد مرت سنين لم تراه.. نعم فهو حب العمر.. وهو رجلها التي لم تعرف غيره.. وهو الرفيق ..والونيس ..والأب .. والأخ والزوج .. هو عمرها كله .. وبدأت ثمره هذا الحب تتحرك في أحشائها جنينا .. وكم كانت سعادتها لا توصف عندما إختلطت لديها مشاعر الأمومه بمشاعر حبها الفطري لحبيب العمر.. فهي سوف تنجب منه ولدا .. ولكن .. الأقدار إستكثرت عليها كل هذه السعاده والفرحه ..

ففي ذات يوم خرج زوجها ولم يعد .. أطاحت به سياره يقودها شاب أرعن إشتراها له والده. كما لو كانت خصيصا ليطيح بكل أحلامها ويوئد فرحتها وسعادتها ويحولها في لحظه من أسعد زوجه في الدنيا الي أرمله ثكلي .. تواجه الدنيا بمفردها .. وفي أحشائها جنين لا يعرف له رب ولا أب وهي في ريعان الشباب .. أطلقت صرخات مدويه صادره من أعماق أعماق روحها ..عندما جاؤا لها بجثمان زوجها وكشفت عن وجهه الملطخ بالدماء ..

ها هو حبيب العمر جثه هامده لا حراك فيها ولا روح ..نادته .. كلمته.. حاولت أن تستنطقه ولو بكلمه واحده .. ولكن هيهات روحه الآن عند باريها .. أصيبت بسهتيريا جنونيه عندما حاولت النساء إبعادها عن جسد حبيبها المسجي ..

بائت كل محاولاتهن بالفشل حتي خمد صراخها .. عندما راحت في غيبوبه تامه لم تعرف مقدارها .. ولكنها مكثت بالمستشفي أيام طوال .. ترفض روحها الإفاقه .. تطلب الإنطلاق و اللحاق به حيثما ذهب.. فهناك مكانها بجواره .. ولكن المشيئه الإلهيه أبت موتها.. لأن في أحشائها جنين وهبته الحياه.. ينبض قلبه ويشعر بآلام أمه ورفضها للحياه ..ولكنه يُصر علي الحياه.. يرفض أن يموت الآن .. لأن أوانه لم يحن بعد .. لم تتمكن من أن تذهب مع الجثمان الي المقابر حتي تواريه الثري بنفسها .. فقد كانت جسد مُغيب ينبض وروح يهيم يريد الانطلاق واللحاق بالحبيب .. خرج "محمود" الصغير الي الحياه صوره طبق الأصل من أبوه .. وكأن الأقدار إستحت منها وأعطتها بعض العوض ..

وأسمته "محمود" علي إسم أبيه.. ومنذ لحظه ولادته خرجت أم محمود من نطاق الزمن ..

لم تعد تحيا الا بإبنها ولإبنها فقط .. مرت الأيام بحلوها ومُرها .. كانت إمرأه جميله بحق.. لديها مسحه هادئه من الجمال والتناسق الجسدي والشعر الناعم الطويل ..

ولكنها أخفت كل هذا خلف السواد الذي لفت به نفسها ما بقي لها من العمر ..

رفضت كل الخطابب الذين تقدموا لها طالبين يدها .. وكانت دائما تقول .. أنا متزوجه من محمود .. ومحمود معي حي يرزق .. "محمود" مماتشي .. عايزينيّ أتجوز عليه؟!

حرام عليكم .. لكل من يفاتحها في أمر الزواج .. أفنت زهره شبابها علي محمود الصغير وفاءا لمحمود الكبير حتي شب شابا يافعا يحمل ملامح أبوه وتركيبته الجسمانيه.. بل وكل صفاته وطباعه من شهامه ورجوله ونخوه .. وأحست بأن الأقدار سلبتها محمود الكبير وأعاضتها عنه بصوره منه هي محمود الصغير وعندما أحست بأن الأوان قد آن .. بدأت في مفاتحته في أمر الزواج .. وتشير عليه بالكثير من بنات الحي الجميلات .. ثم إزداد الأمر بها ووصل للإلحاح .. فهي تريد أن تري ذريته قبل أن تموت وتريد أن يملأ البيت بالأطفال حتي لا يشعر بأنه وحيد وأن له عُزوه والدار فسيح وخالي سوي منه ومنها ..

ولكن محمود كان لديه حلم أخر .. فهو يريد أن يركب البحر الي ايطاليا ليلحق بصديق عمره الذي فعلها ووصل الي ايطاليا ويعمل هناك وإستطاع جمع مبلغ جيد من المال في فتره قصيره وهو من يشجع محمود بل ويحرضه علي السفر ..

ولكن رفض أمه القاطع كان هو الحائل بينه وبين حلمه بالسفر .. مع الوقت .. الحلم يكبر لدي محمود .. والأم ترفض سفر محمود .. وهو لا يستطيع أن يسافر بدون موافقتها .. فحزن وإنزوي بالمنزل .. لا يريد أن يأكل ولا يشرب حتي شحب لونه .. فإنزعجت أم محمود إنزعاجا شديدا ..وحاولت إثناءه .. وبكت .. بل وانحنت تقبل قدميه وترجوه أن يعود اليها ..والا يحرق قلبها عليه فهي لم تعد قادره علي أن يقصم الدهر ظهرها مره أخري .. ولكن كان محمود كمن مسه الشيطان .. أغلق عينيه ..وسد أذنيه حتي كاد أن يهلك .. فأذعنت له مُجبره .. بدأ محمود في الإستعداد والتجهيز للسفر .. ودفع النقود لمقاول التسفير الغير شرعي .. والذي حدد يوم السفر..

وفي اليوم الموعود .. ودع محمود أمه التي أخذته في حضنها .. وكان قلبها ينفطر و يقطر دما وينبئها بأنها آخر مره ستراه بأعينها .. وأن هذا هو الوداع الاخير..

حاولت أن تصرخ .. لكن الكلمات أبت أحتراما لمشيئه القدر ..

وأخيرا رضخت .. ماذا هي فاعله فللقدر مواعيد لا تتبدل ولا تتغير الأقدار .. ركب محمود البحر مع الكثير غيره من الشباب .. وإنتظر أهاليهم خبر وصولهم الي شواطئ إيطاليا .. ولكن لم تصل أخبار وصولهم علي الإطلاق ..

فقط كل يوم يحمل خبر عن غرق مركب محمله بالشباب في عرض البحر .. أما "أم محمود" ..

فقد توقفت عن سؤال الناس ..

وتركت منزلها ..

وتركت الدنيا كلها ..وتوقف بها الزمن..

وجلست علي شاطئ البحر تنظر اليه وتسأله ..

إبني فين يا بحر ؟؟

تمت ...